responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 67
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ الْإِيمَانُ بِمَا سِوَى اللَّهِ كُفْرًا بِهِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِالْبَاطِلِ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ، فَهَلْ لِهَذَا الْعَطْفِ فَائِدَةٌ غَيْرُ التَّأْكِيدِ الَّذِي هُوَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ قُمْ وَلَا تَقْعُدْ وَاقْرُبْ مِنِّي وَلَا تَبْعُدْ؟ نَقُولُ نَعَمْ فِيهِ فَائِدَةٌ غَيْرُهَا، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ الثَّانِيَ لِبَيَانِ قُبْحِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ أَتَقُولُ بِالْبَاطِلِ وَتَتْرُكُ الْحَقَّ لِبَيَانِ أَنَّ الْقَوْلَ بَاطِلٌ قَبِيحٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: هَلْ يَتَنَاوَلُ هَذَا أَهْلَ الْكِتَابِ أَيْ هَلْ هُمْ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ؟ نَقُولُ نَعَمْ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ مُعْجِزَةَ النَّبِيِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقَطَعُوا بِهَا وَعَانَدُوا وَقَالُوا إِنَّهَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ، يَكُونُ كَمَنْ رَأَى شَخْصًا يَرْمِي حِجَارَةً، فَقَالَ إِنَّ رَامِيَ الْحِجَارَةِ زِيدٌ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ قَائِلٌ بِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ زِيدٌ حَتَّى لَوْ سُئِلَ عَنْ عَيْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقِيلَ لَهُ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ يَقُولُ زَيْدٌ، فَكَذَلِكَ هُمْ لَمَّا قَطَعُوا بِأَنَّ مُظْهِرَ الْمُعْجِزَةِ هُوَ اللَّهُ وَقَالُوا بِأَنَّ مُحَمَّدًا مُظْهِرُ هَذَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا مُحَمَّدٌ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَكُونُ إِيمَانًا بِالْبَاطِلِ، وَإِذَا قَالُوا بِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ لَيْسَ بِإِلَهٍ مَعَ أَنَّهُمْ قَطَعُوا بِخُصُوصِ مُظْهِرِ الْمُعْجِزَةِ يَكُونُونَ قَائِلِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَخْصُوصَ الَّذِي هُوَ اللَّهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ فَيَكُونُ كُفْرًا بِهِ، وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَيْنَا فِيمَنْ يَقُولُ فَلَعَلَّ الْعَبْدَ مَخْلُوقُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَخْلُوقُ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا يَنْسُبُ فِعْلَ اللَّهِ إِلَى الْغَيْرِ، كَمَا أَنَّ الْمُعْجِزَةَ فِعْلُ اللَّهِ وَهُمْ نَسَبُوهَا إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ جَهِلَ النِّسْبَةَ، كَمَنْ يَرَى حِجَارَةً رُمِيَتْ وَلَمْ يَرَ عَيْنَ رَامِيهَا، فَيَظُنُّ أَنَّ رَامِيَهَا زَيْدٌ فَيَقُولُ زَيْدٌ هُوَ رَامِي هَذِهِ الْحِجَارَةِ، ثُمَّ إِذَا رَأَى رَامِيَهَا بِعَيْنِهِ وَيَكُونُ غَيْرَ زَيْدٍ لَا يَقْطَعُ بِأَنْ يَقُولَ هُوَ زَيْدٌ، وَأَمَّا إِذَا رَأَى عَيْنَهُ وَرَمْيَهُ لِلْحِجَارَةِ وَقَالَ رَامِي الْحِجَارَةِ زَيْدٌ، يَقْطَعُ بِأَنَّهُ يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ زَيْدٌ فَظَهَرَ الْفَرْقُ مِنْ/ حَيْثُ إِنَّهُمْ كَانُوا مُعَانِدِينَ عَالِمِينَ بِأَنَّ اللَّهَ مُظْهِرُ تِلْكَ الْمُعْجِزَةِ، وَيَقُولُونَ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ.
ثُمَّ قَوْلُهُ: هُمُ الْخاسِرُونَ كَذَلِكَ بِأَتَمِّ وُجُوهِ الْخُسْرَانِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَنْ يَخْسَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَلَا تَرْكَبُهُ دُيُونٌ يُطَالَبُ بِهَا دُونَ مَنْ يَخْسَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَتَرْكَبُهُ تِلْكَ الدُّيُونُ، فَهُمْ لَمَّا عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ أَفْنَوُا الْعُمْرَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ مَا أَصْلًا مِنَ الْمَنَافِعِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ دُيُونُ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ يُطَالَبُونَ بها حيث لا طاقة لهم بها. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 53]
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53)
لَمَّا أَنْذَرَهُمُ اللَّهُ بِالْخُسْرَانِ وَهُوَ أَتَمُّ وُجُوهِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّ مَنْ خَسِرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ قَدْرِ الْخُسْرَانِ شَيْءٌ مِنَ الْمَنَافِعِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ الْخُسْرَانُ ذَلِكَ الْقَدْرَ بَلْ دُونَهُ، مِثَالُهُ إِذَا خَسِرَ وَاحِدٌ مِنَ الْعَشْرَةِ دِرْهَمًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدِّرْهَمِ مَا يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا لَا يَكُونُ الْخُسْرَانُ دِرْهَمًا بَلْ نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِذَنْ هُمْ لَمَّا خَسِرُوا أَعْمَارَهُمْ لَا تَحْصُلُ لَهُمْ مَنْفَعَةُ تَخْفِيفِ عَذَابٍ وَإِلَّا يَكُونُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنَ الْعُمُرِ لَهُ مَنْفَعَةٌ فَيَكُونُ لِلْخَاسِرِ عَذَابٌ أَلِيمٌ، فَقَوْلُهُ: وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ فَقَالُوا إِنْ كَانَ عَلَيْنَا عَذَابٌ فَأْتِنَا بِهِ، إِظْهَارًا لِقَطْعِهِمْ بِعَدَمِ الْعَذَابِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّ الْعَذَابَ لَا يَأْتِيكُمْ بِسُؤَالِكُمْ وَلَا يُعَجَّلُ بِاسْتِعْجَالِكُمْ، لِأَنَّهُ أَجَّلَهُ اللَّهُ لِحِكْمَةٍ وَرَحْمَةٍ فَلِكَوْنِهِ حَكِيمًا لَا يَكُونُ مُتَغَيِّرًا مُنْقَلِبًا، وَلِكَوْنِهِ رَحِيمًا لَا يَكُونُ غَضُوبًا مُنْزَعِجًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ الْأَجَلُ الْمُسَمَّى الَّذِي اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَارْتَضَتْهُ رَحْمَتُهُ لَمَا كَانَ لَهُ رَحْمَةٌ وَحِكْمَةٌ، فَيَكُونُ غَضُوبًا مُنْقَلِبًا فَيَتَأَثَّرُ بِاسْتِعْجَالِكُمْ وَيَتَغَيَّرُ مِنْ سُؤَالِكُمْ فَيَعْجَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَأْتِيكُمْ بِالْعَذَابِ وَأَنْتُمْ تَسْأَلُونَهُ وَلَا يدفع عنكم بالعذاب حِينَ تَسْتَعِيذُونَ بِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها [الْحَجِّ: 22] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيَأْتِيَنَّهُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً، لِأَنَّ الْعَذَابَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست